الأستاذ محمد كوكطاش: الإنسان الفرعوني

يصوّر الأستاذ محمد كوكطاش لحظة طغيان الإنسان حين يظن نفسه مستغنيًا عن خالقه، ويدعو إلى تذكيره بأصل خلقه ومآله ضعفًا وافتقارًا، ويؤكد أن هذا التأمل ليس فقط للاتعاظ الذاتي، بل منهج دعوي فعّال في مواجهة الغرور والإنكار
كتب الأستاذ محمد كوكطاش مقالاً جاء فيه:
إن من أبلغ ما صوّره القرآن الكريم عن النفس البشرية، هو لحظة تجاوز الإنسان لحدوده، وانزلاقه نحو الغرور والتمرد، وهذه ليست لحظة زمنية مجردة، بل حالة نفسية وجودية يبلغها الإنسان حين يشعر بالاستغناء، يقول الله تعالى في تصوير دقيق لهذه الحال :"كلا إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى"
إن الطغيان البشري لا ينشأ في الفراغ، ولا يرتبط فقط بالقوة المادية، بل يتجذر حين يظن الإنسان أنه أصبح في غنًى عن خالقه، وعن غيره من البشر، بل وحتى عن ماضيه ومستقبله، ومع أن الله جل وعلا لم يحدد سنًّا معينة لطغيان الإنسان، إلا أن التأمل في الآيات يقودنا إلى تصور المرحلة التي يبلغ فيها هذا التمرد ذروته.
الإنسان في طفولته، لا يملك من أمره شيئًا، فهو في قمة العجز والافتقار، قائم بغيره، لا بحوله ولا قوته، بل بأمه وأبيه ومن حوله، وهل يُتصور من طفلٍ هذا الغرور الذي يوصف بالطغيان؟ حتمًا لا.
وفي شيخوخته كذلك، حين تنحل قواه ويصبح في حاجة إلى من يعينه على حاجاته الأساسية، ويضعف إدراكه، لا مجال لأن يتفرعن أو يتجبر، إنما تلك المرحلة تمرّ، ويغلب عليها الذل والخضوع والافتقار، لا العزة والاعتداد.
إذًا، فمرحلة الطغيان تقع ما بين هذين الطرفين من عمر الإنسان، حين تتفجر قواه، ويبلغ أشده، ويستشعر قدرته واستقلاله، حينها يبدأ وهم الاستغناء، فيتحول من عبدٍ ضعيف إلى خصيمٍ مبين، يجادل وينكر، ويعلو على الحق.
وهنا تأتي دعوة القرآن المكررة للإنسان أن يتأمل ذاته، ويستعرض رحلة وجوده منذ البداية، قال تعالى: "خلق الإنسان من نطفة فإذا هو خصيم مبين"
وقال أيضًا: "أولم ير الإنسان أنا خلقناه من نطفة فإذا هو خصيم مبين"
هذا الإنسان، الذي كان بالأمس القريب نطفة لا تُرى، يعود اليوم ليجحد ويجادل خالقه، بل ويخاصمه! وهنا تكمن المفارقة العجيبة التي يريدنا القرآن أن نتأملها لا لنُدين الآخرين فقط، بل لنتفقد أنفسنا أولًا، ونتجنب مسالك الغرور والطغيان.
ومع ذلك، فإن التذكير بهذه الرحلة لا يقتصر على التزكية الذاتية، بل هو منهج دعوي رباني يجب أن نتبعه في خطابنا مع الآخرين، خاصةً أولئك الذين يغترون بعقولهم أو مناصبهم أو أموالهم، وينكرون البعث أو يتعالَون على الحق، فقد أرشدنا الله إلى أن نأخذهم في رحلة تذكير، إلى أصلهم الترابي، ونطفهم الصغيرة، وأجسادهم العاجزة مستقبلًا.
قال تعالى: "يا أيها الناس إن كنتم في رب من البعث فإنا خلقناكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة مخلقة وغير مخلقة لنبين لكم ونقر في الأرحام ما نشاء إلى أجل مسمى ثم نخرجكم طفلاً ثم لتبلغوا أشدكم ومنكم من يتوفى ومنكم من يرد إلى أرذل العمر لكيلا يعلم بعد علم شيئاً وترى الأرض هامدة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج"
إنه خطاب شامل، يأخذ الإنسان من العدم إلى الوجود، ومن الطفولة إلى الشيخوخة، ومن النسيان إلى التذكير، ومن الجدال إلى الخضوع. وهذا هو جوهر الدعوة القرآنية: أن يعرف الإنسان نفسه، فيعرف ربه.
فلنجعل هذا النهج القرآني منهجًا لنا، في وعينا بأنفسنا، وفي دعوتنا للآخرين، ولنذكّر كل مغرورٍ بما كان، وكل متجبرٍ بما سيكون.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. (İLKHA)
تنبيه: وكالة إيلكا الإخبارية تمتلك جميع حقوق نشر الأخبار والصور وأشرطة الفيديو التي يتم نشرها في الموقع،وفي أي حال من الأحوال لن يمكن استخدامها كليا أو جزئياً دون عقد مبرم مع الوكالة أو اشتراك مسبق.
يُبرز الأستاذ عبد الله أصلان أهمية تعزيز الأمن الداخلي في تركيا، التي قد تكون الهدف التالي بعد إيران، مشددًا على أن إيران ستواصل جهودها للحصول على السلاح النووي كوسيلة ضرورية للردع وسط تصاعد الغضب الدولي.
يحذّر الأستاذ محمد كوكطاش من الاختراق الصهيوني داخل إيران وتركيا، مطالبًا الدولة التركية بالتحرك العاجل لاعتقال الصهاينة الذين قاتلوا في غزة وعادوا إلى تركيا، باعتبارهم خطرًا على الأمن القومي، ويؤكد أن محاسبتهم ستكون خطوة رائدة تُحتذى عالميًا.
يسلط الأستاذ محمد أشين الضوء على استمرار المجازر الصهيونية في غزة وسط صمت دولي، مؤكدًا أن الأمل الحقيقي يكمن في وحدة الدول وتحركها الجماعي لكسر الحصار وإنقاذ الفلسطينيين.